ألا يعلم المجتمع الدولي أن الشعوب لها الحق في تقرير المصير والمقاومة ورد العدوان، ألا يعلم هؤلاء أن حق المقاومة مكفول بموجب القانون الدولي وقد قررته اتفاقيتي لاهاي وجنيف الثالثة.
ألا يعلم هؤلاء أن القانون الدولي لا يجيز لإسرائيل أن تتذرع بحق الدفاع الشرعي في عدوانها، لكونها كيان محتل، ولا يمكنها الاستفادة من حق الدفاع الشرعي وفق قرارات محكمة العدل الدولية.
لماذا لا يُنظر إلى جرائم الاحتلال الغاشم القائمة منذ حوالي 75 سنة بأنها إرهاب، رغم ارتكابها جرائم الإبادة وقتل الأطفال الرضع والنساء والتهجير والفصل العنصري، فضلًا عن الاستمرار في إقامة المستوطنات والاعتداء على المصلين في المسجد الأقصى وحصار محكم غير إنساني على قطاع غزة.
لا يمكن القول بأن المنظمات الدولية تقف عاجزة أمام الاعتداء الشنيع دون إجراء قانوني، بل هي متواطئة، وشريكة في هذا العدوان مع “سبق الإصرار والترصد”. مانراه في هذه الأيام إنما هو انحراف في البوصلة الأخلاقية للمجتمع الدولي الذي يطلق على المحتل والمعتدي صفة الضحية ويجعل المقاومة وردها لعدوان الاحتلال إرهابًا.
ما يزال أهل غزة صامدون وحدهم في مواجهة الآلة العسكرية العالمية، بعد أن تخلى عنهم الأقربون قبل الآخرين، ولا نملك سوى الدعاء لهم بالنصر والمؤازرة.
لا يواجهه أهل غزة الإبادة الجماعية فحسب، بل جُندت جيوش الإعلام الغربي الجرارة، التي ما فتئت تكرر عبارات الإدانة للمقاومة وتشبهها بصنيعتهم داعش، ولا يرضون إدانة الإرهاب الحقيقي الذي يمارسه الصهاينة منذ حوالي 75 سنة، وما تزال تكذب وتصدق كذبتها.
وفي المقابل، ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في بروز فئة ليست قليلة ترفض الإبادة التي يمارسها الصهاينة، وترفض مواقف بلدانها المخيبة للآمال والأخلاق والقيم الإنسانية، وتفند أكاذيب الأعلام والساسة وتفضح مساعيهم.
خسارة الكيان الصهيوني للرأي العام العالمي يمثل هزيمة عظيمة لا يجب التقليل من شأنها، لما لها من آثار مادية ومعنوية، فقد ظهر أحدهم في الولايات المتحدة يرفض التصويت لأي مرشح للرئاسة يقدم وعودًا بمساندة إسرائيل، لأن الضرائب التي تفرض عليه تمنح في صورة مساعدات في موازنة اسرائيل سنويًا، لكي تقوم فيها بقتل الأطفال والأبرياء. كما برز غيرهم من دول غربية عديدة تطالب بوقف العدوان وإنهاء الحصار على غزة، فضلًا عن المظاهرات الضخمة التي اندلعت في الدول الأوروبية والولايات الأمريكية.
لذا وجب التأكيد على أهمية التحدث في وسائل التواصل الاجتماعي، والتأكيد على حق شعب فلسطين في تقرير مصيره بكل الوسائل المتاحة بما فيها المقاومة، لاستعادة أرضه وإقامة دولته من البحر إلى النهر، وهو ما يقره عليه القانون الدولي، كما أقر حق غيره حتى استعاد أرضه وأقام دولته.
وأخيرًا، فإن هذا الجسم الغريب الذي زُرع جبرًا في إقليم لا يمت له بصلة، لا في لغة ولا دين ولا ثقافة، سيرفضه جهاز مناعة المنطقة عاجلًا أم آجلًا، بيد أن التاريخ سيشهد على من خذل جاره، ولم يهب لمساندته، وتركه يعاني وحده مع عدو غاشم، لا يفرق بين طفل وبالغ ولا بين شيخ وشاب، ولا رجل وامرأة. وسيشهد كذلك على من وقف ضد أبناء شعبه ووافق على وصفهم بالإرهاب لتحقيق مآرب سياسية.
وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم..